من اجمل واقدم اثار مصر معبد الكرنك
يعتبر معبد الكرنك أكبر معبد بني في العالم القديم وأهم المعابد الموجودة بمنطقة الأقصر، وهو المعبد المخصص للإله آمون الذي بدأ الفرعون ستي الأوّل بناءه وأتمه رمسيس الثاني، بالإضافة إلى المعابد التي استمر بناؤها حتى القرن الأول قبل الميلاد تبلغ مساحته حولي 60 فدان واستمر البناء فيه ما يبلغ 1500 عام وسُمي بهذا الإسم بعد الفتح الإسلامي .. حيث الكرنك تعني الحصن أو المكان الحصين
يشغل معبد الكرنك منطقة ما يسمى بالقرية الحصينة الواقعة في الجزء الشمالي من مدينة طيبة (الأقصر)، وترجع شهرة الكرنك إلى كونه في الحقيقة مجموعة من المعابد المتعددة التي بنيت بدايةً من الأسرة الـ11 حوالي في العام 2134 ق.م، عندما كانت طيبة مركزاً للديانة المصرية وهذه المعابد المحاطة بأسوار من الطوب اللبن ترتبط ببعضها البعض من خلال ممرات تحرسها تماثيل متراصة على صفين بشكل أبي الهول.
تبلغ مساحة معبد آمون 140 متر مربع، وهو مزود بقاعة ضخمة لها سقف محمول على 122 عمود بارتفاع أكثر من 21 متر ومصطفة في 9 صفوف، هذا غير النقوش البارزة على الأعمدة والبوابات العملاقة، والمسلات.
لقد تم تشييد هذا المعبد ليكون داراً "لثالوث طيبة المقدس". وهذا الثالوث مكون من الإله "آمون" (ومعنى اسمه "المخفي" Hidden) ، وزوجته "موت" Mut الأم ، وابنهما الإله "خون سو" Khonsu إله القمر الذي يعبر السماء . وكان مقرهم الرسمي هو معبد الكرنك ، ثم رأى أن يُشيد لهم معبد آخر في إحدى ضواحي "طيبة" القديمة لتستريح فيه الآلهة فترة من الزمان، ولهذا شيد لهم الملك "أمنحتب الثالث" هذا المعبد في الأقصر. وقيل أنه قام ببنائه على أنقاض بيت قديم من بيوت العبادة.
وقد أقام الملك "سيتى الأول" مسلّتين عليها .. لا تزال إحداهما باقية فى مكانها، ويمتد منها إلى واجهة الصرح صفان من التماثيل التى أقامها "رمسيس الثانى" على هيئة "أبو الهول"، لكل منه رأس كبش وجسم أسد. ويلاحظ أن تحت ذقن كل منها تمثالاً للملك نفسه. وهذا الطريق هو الذى يسمونه "طريق الكِباش". ويلاحظ أيضاً أن معظم الإنشاءات قد تمت فى عهد الأسرة الثامنة عشرة، وفى عهد الملكين "أمنحوتب الثانى"، و"أمنحوتب الثالث" بالذات. ولكن أُدخلت عليها تعديلات وتوسعات فى عهد الأسرة التاسعة عشرة، وفى عهد الملك "رمسيس الثانى" بالتحديد . كما توجد فى الزاوية الشمالية الغربية من هذا الفناء ثلاث مقاصير، أُعدت لإيواء السفن المقدسة الخاصة بثالوث "طيبة"، بناها الملك "سيتى الأول" من ملوك الأسرة التاسعة عشرة، وقد زُينت جدران هذه المقاصير بنقوش بارزة تمثل السفن المقدسة
وهكذا أصبح معبد الكرنك هو قصر آمون الرسمي، كما أصبح معبد الأقصر منزله الخاص الذي يقضى فيه مع عائلته فترة من الراحة والاستجمام فى ميعاد محدد من كل عام أما المعبد نفسه فيقع على شارع الكورنيش أمام النيل مباشرة. وعند منتصف جدار المعبد تقريباً، يوجد باب صغير يؤدى إلى داخل المعبد
الملوك الذين شاركوا فى بناء معبد الأقصر
اشترك في إنشاء وإقامة هذا المعبد كل من "توت عنخ آمون" والملوك "آي"، و"حور محب"، و"سيتي الأول"، كما أجرى الملك "رمسيس الثاني" توسعات في المعبد. ولقد سجل "توت عنخ آمون" مناظر موكب "عيد أوبت" على الجدران المحيطة بصفي أساطين رواق الطواف، وكذلك رحلة "آمون" السنوية التي تنتهي عند الأقصر
والأمر الذي لاشك فيه أن المعبد أقيم مكان معبد قديم من عصر الدولة الوسطى، وبدأ الملك " تحتمس الثالث " (1500 ق.م ) بتشييد ثلاث مقاصير لثالوث "طيبة" المقدس على أنقاض ذلك المعبد القديم. ومازالت مقاصير "تحتمس الثالث" موجودة في فناء الملك "رمسيس الثاني" بالمعبد. لكنه لم يكن معبداً بالشكل المعروف إلا في عصر الملك "أمنحتب الثالث" الذي شيد ثلاثة أرباعه
تركيب المعبد وتخطيطه:
معبد "آمون رع" الكبير
يتألف المعبد من محراب يقع فى أقصى الناحية الشرقية. وقد أُعد هذا المحراب لحفظ تماثيل الإله "آمون" وعائلته. ويعرف هذا المكان "بقدس الأقداس" الذى كان الظلام يلفه! ثم يتبعه بعد ذلك فناء مكشوف يغمره ضوء النهار، ثم ينتهى هذا الفناء بصرح عظيم يقع المدخل بين برجيه. وكان المقصود أن يكون الصرح هو الواجهة النهائية للمعبد، ولكن الملوك المختلفين الذين تعاقبوا بعد ذلك أخذوا يضيفون إليه أفنية أخرى فى اتجاه الغرب. وينتهى كل منها بصرح، حتى أصبح للمعبد عشرة صروح إنه الصرح الأول للمعبد. وهو من عمل الأسرة الثانية والعشرين، ولكنه لم يُكمل إلى الآن! ويقع بين برجى هذا الصرح مدخل المعبد الذى يوصل ويؤدى إلى الفناء الأول. وهو الذى يسمونه "فناء البوبسطيين" Bubastites .. نسبة إلى ملوك "تل بسطة " .. وهو فناء واسع يضمه من الجانبين صفٌ من الأعمدة على هيئة نبات البردى. وكان يتوسطه فيما مضى "جوسق طهارقة" الذى كان يتكون من عشرة أعمدة رشيقة أقامها الملك "طهارقة" من الأسرة الخامسة والعشرين، ولا يزال أحد الأعمدة قائماً فى مكانه.
ولما لم يكن الفضاء الغربى كافياً، فقد اتجه الملوك فى منتصف الاسرة الثامنة عشرة وهى أكبر أسرة قامت بالإنشاءات فى الكرنك، اتجهوا إلى بناء الأفنية والصروح ناحية الجنوب على محور جديد متباعد عن المحور الأول للمعبد، ولكن سرعان ما اتخذت المبانى من جديد الطريق الأول .. أى ناحية الغرب، وذلك فى عصر ملوك الأسرة التاسعة عشرة وما بعدها.
وهكذا تضخمت مجموعة مبانى هذا المعبد، واتخذت شكلاً نهائياً يشبه حرف T فى اللغة الإنجليزية، ولكنه موضوع بشكل مائل على أحد جانبيه أى هكذا وتُحدد هذا الحرف عشرة صروح، كما يحتوى على عدد غير قليل من الأفنية والأبهاء (جمع بهو). وأمام المعبد توجد ساحة عظيمة، وفيها نرى منصة مرتفعة فى الوسط، وهى التى كانت مرسى للسفن الخاصة بالمعبد فى يوم من الأيام، حيث كان النيل يجرى فيما مضى بالقرب منها.
اما إذا نظرنا إلى الواجهة الجنوبية من الفناء الذى كنا نتحدث عنه، سوف نجد معبداً جميلاً أقامه "رمسيس الثالث" لإيواء السفن المقدسة ويعتبر هذا المعبد نموذجاً للمعبد المصرى الكامل. فهو يبدأ بصرح عظيم يزينه تمثالان رائعان للملك من الخارج. ويليه من الداخل الفناء المكشوف الذى تحده البوائك (جمع باكية) شرقاً وغرباً. ويبدو الملك على الأعمدة فى هيئة "أوزوريس"، والجدران مزخرفة بالنقوش التى تمثل الملك فى أوضاع مختلفة أمام "الإله آمون"، ثم يلى ذلك دهليز به صفان من الأعمدة .. الأول منها يتكون من أعمدة تلتصق بها تماثيل "أوزيرية" على نمط تماثيل الفناء، والصف الثانى يتكون من أربعة أعمدة على هيئة نبات البردى. ويقودنا هذا الدهليز إلى بهو الأعمدة الذى يؤدى بدوره إلى المقاصير الثلاث الخاصة بإيواء السفن المقدسة لثالوث "طيبة". وإلى جوارها توجد عدة غرف مظلمة كانت مستعملة لحاجيات العبادة.
فناء المعبد الكبير والصرح الثانى
وفى فناء المعبد الكبير نشاهد بوابة عظيمة فى الزاوية الجنوبية الشرقية للفناء اسمها بوابة "شاشانق". وهناك أكثر من "شاشانق" أو "شيشونك" Sheshonk .. الأول، والثانى، وهكذا .. حكموا مصر فى الاسرة الثانية و العشرين وهم من أصل ليبى. لكنهم حكموا مصر، وحاربوا باسم مصر خارج حدودها، وتلقبوا بلقب "فرعون". وقد أحاط "شاشانق الأول" الساحة برواقين. وهذه الساحة اصبحت بعد ذلك الصرح الأول. ولقد تحكم فى المعبد بإقامة بوابة والأهم من ذلك أنه ناحية الشرق نجد الصرح الثانى الذى أقامه الملك "رمسيس الأول و بهو الأعمدة الكبير بمعبد الكرنك The Great Hypostyle Hall of Karnak Temple، بدأ تشييده فى عهد الملك "سيتى الأول" (حوالى 1290-1279 ق.م) وتم الانتهاء من بنائه فى عهد ابنه الملك "رمسيس الثانى" (حوالى 1279-1213 ق.م).